الامام الصادق يسأل احد تلامذته ماذا تعلمت مني ؟
--------------------------------------------------------------------------------
عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال لبعض تلامذته : أي شيء تعلمت مني؟.. قال له : يا مولاي ثمان مسائل، قال له عليه السلام : قصها عليَ لأعرفها، قال :
الأولى : رأيت كل محبوب يفارق عند الموت حبيبه، فصرفت همتي إلى ما لا يفارقني بل يؤنسني في وحدتي وهو فعل الخير، فقال عليه السلام : أحسنت والله.
الثانية : قال : رأيت قوما يفخرون بالحسب وآخرين بالمال والولد وإذا ذلك لا فخر، ورأيت الفخر العظيم في قوله تعالى : ((إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)) فاجتهدت أن أكون عنده كريما، قال عليه السلام : أحسنت والله.
الثالثة : رأيت لهو الناس وطربهم، وسمعت قوله تعالى : ((وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّة َ هِيَ الْمَأْوَى)) فاجتهدت في صرف الهوى عن نفسي حتى استقرت على طاعة الله تعالى، قال عليه السلام : أحسنت والله.
الرابعة : قال : رأيت كل من وجد شيئا يكرم عنده اجتهد في حفظه، وسمعت قوله سبحانه يقول : ((مَن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ)) فأحببت المضاعفة، ولم أر أحفظ مما يكون عنده، فكلما وجدت شيئا يكرم عندي وجَهت به إليه ليكون لي ذخرا إلى وقت حاجتي، قال عليه السلام : أحسنت والله.
الخامسة : قال : رأيت حسد الناس بعضهم للبعض في الرزق، وسمعت قوله تعالى : ((نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاة ِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)) فما حسدت أحدا ولا أسفت على ما فاتني، قال عليه السلام : أحسنت والله.
السادسة : قال : رأيت عداوة لبعض في دار الدنيا والحزازات التي في صدورهم، وسمعت قول الله تعالى : ((إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً)) فاشتغلت بعداوة الشيطان عن عداوة غيره، فقال : أحسنت والله.
السابعة : قال : رأيت كدح الناس واجتهادهم في طلب الرزق، وسمعت قوله تعالى : ((وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُـدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّة ِ الْمَتِينُ)) فعلمت أن وعده وقوله صدق، فسكنت إلى وعده، ورضيت بقوله، واشتغلت بما له علي عما لي عنده، قال عليه السلام : أحسنت والله.
الثامنة : قال : رأيت قوما يتكلون على صحة أبدانهم، وقوما على كثرة أموالهم، وقوما على خلق مثلهم، وسمعت قوله تعالى : ((وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)) فاتكلت على الله وزال اتكالي على غيره، فقال عليه السلام له : والله إن التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وسائر الكتب ترجع إلى هذه الثمان مسائل.